فصل: قال بيان الحق الغزنوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ}.
المعنى فيه: ينادَوْن أنّ مقت الله إياكم أكبر من مقتكم أنفسكم يوم القيامة؛ لأنهم مقتوا أنفسهم إذ تركوا الإيمان، ولكن اللام تكفى من أن تقول في الكلام: ناديت أن زيدًا قائم، وناديت لزيد قائم، ومثله: {ثم بَدا لهم من بعدِ ما رَأوا الآياتِ} الآية، اللام بمنزلة أنّ في كل كلام ضارع القول مثل: ينادون، ويخبرون، وما أشبه ذلك.
{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِ}.
وقوله: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}.
الروح في هذا الموضع: النبوة؛ لينذر من يلقى عليه الروحَ يوم التلاق. وإنما قيل {التلاق} لأنه يلتقى فيه أهل السماء وأهل الأرض.
{يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}.
وقوله: {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ} هُمْ في موضع رفع بفعلهم بعده، وهو مثل قولك: آتيك يوم أنت فارغ لى.
{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الأَزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ}.
وقوله: {الأَزِفَةِ}.
وهى: القيامة.
وقوله: {كَاظِمِينَ}.
نصبت على القطع من المعنى الذي يرجع من ذكرهم في القلوب والحناجر، والمعنى: إذ قلوبهم لدى حناجرهم كاظمين. وإن شئت جعلت قطعه من الهاء في قوله: {وأنذرهم} والأول أجود في العربية.
ولو كانت كاظمون مرفوعة على قولك: إذ القلوب لدى الحناجر إذ هم كاظمون، أو على الاستئناف كان صوابا.
وقوله: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} تقبل شفاعته، ثم قال: {يَعْلَمُ خَآئِنَةَ الأَعْيُنِ} يعنى: الله عز وجل، يقال: إنّ للرجل نظرتين: فالأولى مباحة له، والثانية محرمة عليه، فقوله: {يعلم خائنة} الأعين في النظرة الثانية، وما تخفى الصدور في النظرة الأولى. فإن كانت النظرة الأولى تعمُّدًا كان فيها الإثْمُ أيضًا، وإن لم يكن تَعَمَّدَها فهى مغفورة.
{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ}.
وقوله: {أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ} رفع {الفساد} الأعمش، وعاصم جعلا له الفعل. وأهل المدينة والسلمى قرءوا: وأن يُظهرَ في الأرض الفسادَ، نصبوا الفساد، وجعلوا يظهر لموسى. وأهل المدينة يلقون الألف الأولى يقولون: وأن يظهر، وكذلك هي في مصاحفهم. وفى مصاحف أهل العراق: {أو أن يَظْهَرَ} المعنى أنه قال: إنى أخاف التبديل على بدينكم، أو أن يتسامع الناس به، فيصدقوه فيكون فيه فساد على دينكم.
{وَياقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ}.
وقوله: {وَياقَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ} قرأها العوام على التنادِ بالتخفيف، وأثبت الحسن وحده فيه الياء، وهى من تنادى القومُ. حدثنا أبو العباس قال حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال: وحدثنى حبان عن الأجلح عن الضحاك بن مزاحم أنه قال: تَنْزِلُ الملائِكةُ من السموات، فتحيط بأقطار الأرض، ويُجَاء بجهنم، فإذا رأوها هالتهم، فندّوا في الأرض كما تند الإبل، فلا يتوجهون قُطْرًا إلا رأوا ملائكة فيرجعون من حيث جاءوا، وذلك قوله: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ والإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تنفذوا من أقطار السماواتِ والأرضِ} وذلك قوله: {وجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِىءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ} وذلك قوله: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلاَئِكَةُ تَنْزِيلًا}. قال الأجلح، وقرأها الضحاك: {التنادّ} مشددة الدال. قال حبان: وكذلك فسّرها الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس.
قال الفراء: ومن قرأها {التناد} خفيفة أراد يوم يدعو أهل الجنة أهل النار، وأَهل النار أهل الجنة، وأصحاب الأعراف رجالًا يعرفونهم.
{الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}.
وقوله: {كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ}.
أى: كبر ذلك الجدال مقتا، وَمثله: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ} أضمرت في كبرت قولهم: {اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا} ومن رفع الكلمة لم يضمر، وَقرأ الحسن بذلك برفع الكلمة {كَبُرَتْ كَلِمَةٌ تَخْرُجُ}.
وقوله: {عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}.
يضيف القلب إلى المتكبر، ومن نوّن جعل القلب هو المتكبر الجبار، وهى في قراءة عبد الله {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قَلْبِ كلِّ متكبر جبار} فهذا شاهدٌ لمن أضاف، والمعنى في تقدم القلب وَتأخره وَاحد وَالله أعلم.
قال: سمعت بعض العرب يرجّل شعره يوم كل جمعة، يريد: كل يوم جمعة، والمعنى واحد.
{وَقَالَ فَرْعَوْنُ يا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى اله مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ}.
وقوله: {لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعُ}.
بالرفع، يردّه على قوله: {أبلغُ} وَمن جعله جوابا لِلَعَلّى نصبه، وقد قرأ به بعض القراء قال: وأنشدنى بعض العرب:
علَّ صروفَ الدَّهر أو دولاتها ** يدللنا اللَّمَّةَ من لَمَّاتها

فتستريحَ النفسُ من زَفْراتها

فنصب على الجواب بلعلَّ.
{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}.
وقوله: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا}.
رفعت {النار} بما عاد من ذكرها في عليها، ولو رفَعْتها بما رفعْتَ به {سُوءَ الْعَذَاب} كان صوابا، ولو نصبت على أنها وقعت ا بين راجع من ذكرها، وبين كلام يتصل بما قبلها كان صوابا، ومثله: {قُلْ أَفَأُنَبِّئكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُم النارُ وَعَدهَا}.
وقوله: {غُدُوًّا وَعَشِيًّا}.
ليس في الآخرة غدو ولا عشى، ولكنه مقادير عشيات الدنيا وغدوها.
وقوله: {ويَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُواْ آلَ فِرْعَوْنَ}.
همز الألف يحيى بن وثاب وأهل الحجاز، وخففها عاصم والحسن فقرأ {وَيَوْمَ تَقُوم السَّاعَة ادْخُلُوا آلَ فِرْعَوْنَ} ونصب ها هنا آل فرعون على النداء: ادخوا يا آل فرعون أشد العذاب، وفى المسألة الأولى توقَّع عليهم {أَدْخِلُوا}.
{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}.
وقوله: {إِنَّا كُلٌّ فِيهَآ}.
رَفَعْتَ {كلّ} بفيها، ولم تجعله نعتا لإنّا، ولو نصبته على ذلك، وجعلت خبر إِنا فيها، ومثله: {قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلّهِ} ترفع {كلّه لله} وتنصبها على هذا التفسير.
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}.
قوله: {وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}.
قرأت القراء بالياء يعنى: يقوم بالتذكير، ولو قرأ قارئ: ويوم تقوم كان صوبا؛ لأن الأشهاد جمع، والجمع من المذكر يؤنث فعله ويذكر إِذا تقدم. العرب تقول: ذهبت الرجال، وذهب الرجال.
{إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
وقوله: {إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ} يريد: تكبروا أن يؤمنوا بما جاء به محمد صلى الله عليه ما هم ببالغى ذلك: بنائلى ما أرادوا.
{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخًا وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُواْ أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
وقوله: {ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخًا}.
وفى حرف عبد الله {ومنكم من يكون شيوخا} فوحّد فِعل مَن، ثم رجع إلى الشيوخ فنوى بمن الجمع، ولو قال: شيخا لتوحيد من في اللفظ كان صوابا.
{إِذِ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ والسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ}.
وقوله: {إِذِ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ والسَّلاَسِلُ} ترفع السلاسل والأغلال، ولو نصبت السلاسل وقلت: يسْحَبون، تريد يَسْحَبونَ سَلاسلَهم في جهنم.
وذكر الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس أنه قال: وهم في السلاسل يُسْحبون، فلا يجوز خفض السلاسل، والخافض مضمر؛ ولكن لو أنّ متوهما قال: إِنما المعنى إذ أعناقهم في الأغلال وفى السلاسل يسحبون جاز الخفض في السلاسل على هذا المذهب، ومثله مما رُدّ إِلى المعنى قول الشاعر:
قد سالم الحياتِ منه القدَما ** الأُفعوانَ والشُّجاعَ الشجعما

فنصب الشجاع، والحيات قبل ذلك مرفوعة؛ لأَنَّ المعنى: قد سالمت رجله الحيات وسالمتها، فلما احتاج إلى نصب القافية جعل الفعل من القدم واقعا على الحيات. اهـ.

.قال بيان الحق الغزنوي:

سورة حم المؤمن:
{وقابل التوب} (3) يجوز جمع توبة. ويجوز مصدرًا، مثل توبة.
{لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم} (10) في الخبر: «إن أهل النار يمقتون أنفسهم، ويقولون قد مقتنا أنفسنا، فيقال لهم: لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم» وعند البصريين: هذه لام الابتداء، وعند الكوفيين: لام اليمين، يدخل على مثل هذه الحكاية.
{يلقي الروح من أمره} (15) أي: الوحي. وقيل: يرسل جبريل إلى من يشاء من عباده.
{لمن الملك اليوم} (16) يقوله بين النفختين. وقيل: في القيامة، فيجيبه الخلائق طرًا {لله الواحد القهار}.
{يوم الأزفة} (18) يوم القيامة. وقيل: يوم الموت الذي هو قريب.
{كاظمين} ساكتين مغتمين. وقيل: ممسكين لحناجرهم، من كظم القربة.
{خائنة الأعين} (19) قيل: هي مسارقة النظر. وقيل: إنها النظر إلى ما نهي عنه، كأن التقدير: يعلم الأعين الخائنة.
{يعرضون} (46) تجلد جلودهم في النار غدوًا وعشية، ولا غدوة ولا عشية هناك، ولكنه بمقادير الساعات الدنيا.
{ولتبلغوا أجلًا مسمى} (67) أي: ليبلغ كل منكم أجله، من طال عمره ومن قصر.
{بل لم نكن ندعوا من قبل شيئًا} (74) هذا كقولك ما أنت في شيء.
تمت سورة المؤمن. اهـ.

.قال الأخفش:

سورة غافر:
{حم تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لاَ اله إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} قال: {حم} {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} فهذا على البدل لأن هذه الصفة. وأما {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} فقد يكون معرفة لأنك تقول: هذا ضاربُ زيدٍ مُقْبِلًا إذا لم ترد به التنوين. ثم قال: {ذِي الطَّوْلِ} فيكون على البدل وعلى الصفة ويجوز فيه الرفع على الابتداء والنصب على خبر المعرفة إلا في {ذِي الطَّوْلِ} فإنه لا يكون فيه النصب على خبر المعرفة لأنه معرفة. و{التَوْبُ} هو جماعة التَوْبَةِ ويقال عَوْمَةٌ وعَوْمٌ في عَوْمِ السَّفِينَةِ وقال الشاعر: من البسيط وهو الشاهد الخامس والستون بعد المئتين:
عَوْم السَّفِينِ فَلَمَّا حالَ دُونَهُمُ ** فَيْدُ القُرَيَّاتِ فالفِتْكَانُ فالكَرَمُ

{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} قال: {وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ} فجمع على الكُلَّ لأن الكُلَّ مذكر معناه معنى الجماعة.
{وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} وقال: {وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} أي: لأَِنَّهُم أَوْ بِأَنَّهم وليس {أَنَّهُمْ} في موضع مفعول. ليس مثل قولك أَأَحَقَّت أنهم لو كان كذلك كان أَحَقَّتْ أَنَّهُمْ.
{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَاتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ} وقال: {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا} فانتصابه كانتصاب لَكَ مِثْلُه عَبْدًا لأنك قد جعلت {وسعت} ل {كلّ شَيْءٍ} وهو مفعول به والفاعل التاء وجئت بالرَّحْمَةِ والعِلْم تفسيرا قد شغل عنها الفعل كما شغل المِثْلُ بالهاء فلذلك نصبته تشبيها بالمفعول بعد الفاعل.
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ} وقال: {يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ} فهذه اللام هي لام الابتداء كأنه {يُنَادَوْنَ} فيقال لهم لأَنَّ النِداءَ قول. ومثله في الإعراب: يقال: لَزَيْدٌ أَفضْلُ مِِنْ عَمْرٍو.
{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلاَقِ} وقال: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} رفيع رَفْعٌ على الابتداء. والنصبُ جائز لو كان في الكلام على المدح.
{يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لاَ يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} وقال: {يَوْمَ هُم بَارِزُونَ} فاضاف المعنى فلذلك لا ينون اليوم كما قال: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ} وقال: {هذا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ} معناه هذا يوم فتنتهم. ولكن لما ابتدأ الاسم وبقي عليه لم يقدر على جرّه وكانت الاضافة في المعنى الى الفتنة. وهذا انما يكون إذا كان اليَوْم في معنى إِذْ والا فهو قبيح.
الا ترى انك تقول لَقِيتُكَ زَمَنَ زَيْدٌ أَمِيرٌ أيْ: إِذْ زَيْدٌ اَمِيرْ. ولو قلت أَلْقَاكَ زَمَنَ زيدٌٍ أَميرْ لَمْ يحسن.